(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
(الأحزاب/33)
الوحدة حول مائدة الكتاب والسنّة
الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة على محمّد وآله الطاهرين، والسلام على أصحابه البررة الميامين.
وبعد: تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرّق أعداء الإسلام من الخارج كلمتنا من حيث لا نشعر، وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا، وسيطر الأعداء علينا، وقد قال سبحانه وتعالى: (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال/46).
وينبغي لنا اليوم وفي كلّ يوم أن نرجع إلى الكتاب والسنّة في ما اختلفنا فيه ونوحّد كلمتنا حولهما، كما قال تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(النساء/59).
وفي هذه السلسلة من البحوث نرجع إلى الكتاب والسنّة ونستنبط منها ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف، فتكون بإذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء أن يشاركونا في هذا المجال، ويبعثوا إلينا بوجهات نظرهم على عنوان:
بيروت
ص.ب 124/24
العسكـري
آية التطهير في مصادر مدرسة الخلفاء
عندما رأى الرسول الرحمة هابطة
روى الحاكم في كتابه "المستدرك على الصحيحين في الحديث" عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أنّه قال: لما نظر رسول الله (ص) إلى الرحمة هابطة قال: "أُدعوا لي، أُدعوا لي"، فقالت صفيّة: من يا رسول الله؟ قال: "أهل بيتي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين"، فجيء بهم فألقى عليهم النبي (ص) كساءه ثمّ رفع يديه ثمّ قال: "اللّهمّ هؤلاء آلي فصلّ على محمّد وآل محمد" وأنزل الله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(الأحزاب/33)(1).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد(2).
____________
1- وعبد الله بن جعفر ذي الجناحين بن أبي طالب، وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد في الحبشة وأدرك النبي، توفى بعد الثمانين من الهجرة. ترجمته بأُسد الغابة 3 : 33.
والحاكم هو إمام المحدّثين أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (ت:405).
والحاكم أعلى رتبة للمحدّثين عند علماء السنة، فأوّل رتبة عندهم: المحدّث، ثمّ الحافظ، ثمّ الحجة، ثمّ الحاكم. راجع المختصر في علم رجال الأثر : 71.
2- مستدرك الحاكم على الصحيحين 3 : 147-148.
نوع الكساء
أ ـ في حديث عائشة:
روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه الكبرى وكلّ من الطبري وابن كثير والسيوطي في تفسير الآية بتفاسيرهم واللفظ للأوّل عن عائشة قالت:
خرج رسول الله غداة وعليه مرط مُرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء علي فأدخله، ثمّ قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
ب ـ في حديث أم سلمة:
روى كلّ من الطبري والقرطبي في تفسير الآية بتفسيره عن أمّ سلمة قالت:
لمّا نزلت هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً ...(3)(4).
____________
1- رواة حديث أمّ المؤمنين عائشة:
رواه مسلم في صحيحه، باب فضائل أهل بيت النبي (ص) 7 : 130; والحاكم في مستدركه على الصحيحين 3 : 147; والبيهقي في السنن الكبرى، باب بيان أهل بيته والذين هم آله 2 : 149; وفي تفسير الآية بتفسير الطبري، جامع البيان 22 : 5; وتفسير ابن كثير 3 : 485; وجامع الأصول 10 : 101-102; وتيسير الوصول 3 : 297; وتفسير السيوطي، الدرّ المنثور 5 : 198و199.
2- عائشة بنت أبي بكر، بنى بها الرسول بعد ثمانية عشر شهراً من هجرته إلى المدينة، وتوفيت في السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين من الهجرة، وصلّى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع. راجع أحاديث عائشة.
3- رواه أبو سعيد عن أمّ سلمة، كما في تفسير الآية في تفسير الطبري 22 : 6.
4- أمّ سلمة هند إبنة أبي أُمية القرشي المخزومي، تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله)بعد وفاة زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد على أثر جراح أصيب به في أُحد، توفيت بعد شهادة الحسين (عليه السلام) سنة ستين. ترجمتها بأُسد الغابة وتقريب التهذيب.
رواه السيوطي في تفسيره وأشار إليه ابن كثير كذلك.
كيفية جلوس أهل البيت تحت الكساء
أ ـ في حديث عمر بن أبي سلمة:
روى كلّ من الطبري وابن كثير في تفسيريهما والترمذي في صحيحه والطحاوي في مشكل الآثار، واللفظ للأوّل عن عمر بن أبي سلمة، قال:
نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) في بيت أمّ سلمة: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ ...) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلّل هو وهم بالكساء ثمّ قال: "هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"(2)(3).
____________
1- رواه عنها شهر بن حوشب، كما في تفسير الطبري 22 : 6; وأشار إليه ابن كثير في 3 : 485.
2- عمر بن أبي سلمة القرشي المخزومي ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أمّه أمّ سلمة، ولد بأرض الحبشة، شهد صفين مع عليّ، واستعمله على البحرين وفارس، وتوفي بالمدينة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة. ترجمته بأُسد الغابة 4 : 79.
3- بصحيح الترمذي 12 : 85 بتفسير الآية; وتفسير الطبري 22 : 7; وابن كثير 3 : 485; ومشكل الآثار 1 : 335; وجامع الأصول 10 : 101; وابن عساكر 5/1/16ب.
ب ـ في حديث واثلة بن الأسقع(1)(2) وأمّ سلمة(3):
أجلس عليّاً وفاطمة بين يديه والحسن والحسين كلّ واحد منهما على فخذه أو في حجره.
كما رواه عن واثلة الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، والهيثمي في مجمع الزوائد.
____________
1- مستدرك الصحيحين 2 : 416 و 3 : 147 وقال صحيح على شرط الشيخين; ومجمع الزوائد 9 : 167; ومشكل الآثار للطحاوي 1 : 335; وابن عساكر 5 : 1، 16ب.
2- واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي، أسلم قبيل غزوة تبوك، قيل: خدم النبي (ص) ثلاث سنين، وتوفي بعد الثمانين من الهجرة بدمشق أو بالبيت المقدس، ترجمته بأُسد الغابة 5 : 77.
3- تفسير الطبري 22 : 6; وابن كثير 3 : 483; والسيوطي في الدرّ المنثور 5 : 198; سنن البيهقي 2 : 152; ومسند أحمد 4 : 170.
مكان اجتماع أهل البيت (عليهم السلام)
أ ـ في حديث أبي سعيد الخدري:
في تفسير الآية بالدرّ المنثور للسيوطي عن أبي سعيد قال:
كان يوم أمّ سلمة أمّ المؤمنين فنزل جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) قال: فدعا رسول الله (ص) بحسن وحسين وفاطمة وعليّ فضمّهم ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أُمّ سلمة مضروب، ثمّ قال: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهّرهم تطهيراً" قالت أمّ سلمة (رض): فأنا معهم يا نبيّ الله؟ قال: "أنتِ على مكانك وأنتِ على خير"(1)(2).
____________
1- بتفسير الآية في الدرّ المنثور 5 : 198.
2- يظهر من طرق أُخرى للحديث أنّ أبا سعيد قد روى هذا الحديث عن أمّ سلمة نفسها، وأبو سعيد سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الخدري، شهد الخندق وما بعدها، توفي بالمدينة بعد الستين أو بعد السبعين من الهجرة، ترجمته بأُسد الغابة 2 : 289.
ب ـ في حديث أمّ سلمة:
بتفسير الآية عند ابن كثير والسيوطي وسنن البيهقي وتاريخ بغداد للخطيب ومشكل الآثار للطحاوي واللفظ للأوّل عن أمّ سلمة قالت:
في بيتي نزلت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) وفي البيت فاطمة وعليّ والحسن والحسين، فجلّلهم رسول الله بكساء كان عليه ثمّ قال: "هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"(1).
وفي رواية الحاكم بمستدرك الصحيحين ـ أيضاً ـ قالت (رض): في بيتي نزلت.
____________
1- بسنن البيهقي 2 : 150; وبتفسير الآية عند ابن كثير 3 : 483; والسيوطي 5 : 198; وفي لفظ الحاكم بتفسير الآية 2 : 416 ـ أيضاً ـ عن أمّ سلمة: (في بيتي نزلت); وتاريخ بغداد 9 : 126; ومشكل الآثار 1 : 334; وجامع الأصول 10 : 100; وتفسير الثعالبي 3 : 228; وتيسير الوصول 3 : 297; وابن عساكر 5 : 1، 13أ-ب و 16أ.
وفي مسند أحمد قالت أمّ سلمة: فأدخلت رأسي في البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: "إنّك إلى خير، إنّك إلى خير".
وفي رواية أُخرى: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: "إنّك على خير"(3).
وفي رواية الحاكم بمستدركه: قالت أمّ سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: "إنّك إلى خير وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهل بيتي أحقّ"(4).
____________
1- قال الترمذي: وفي الباب عن عمر بن أبي سلمة وأنس بن مالك وأبي الحمراء ومعقل بن يسار وعائشة.
2- بصحيح الترمذي، باب فضل فاطمة 13 : 248 و 249; وتهذيب التهذيب 2 : 297 بترجمة الحسن; والرياض النضرة 2 : 248 ذكر اختصاصه بأنه وزوجته وابنيه أهل البيت; وابن عساكر 5 : 1، 14ب.
3- بسمند أحمد 6 : 292 و 323.
4- بمستدرك الحاكم 2 : 416 بتفسير الآية من سورة الأحزاب.
من كان في البيت عند نزول الآية
في تفسير السيوطي ومشكل الآثار واللفظ للأوّل:
قالت أمّ سلمة: نزلت هذه الآية في بيتي (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) وفي البيت سبعة: جبريل وميكال وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (رض) وأنا على باب البيت، قلت: يا رسول الله! ألست من أهل البيت؟ قال: "إنّك إلى خير، إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبي"(1).
وفي رواية ابن عساكربعده: وما قال: "إنّك من أهل البيت".
كيف كان أهل البيت عند نزول الآية
في تفسيرالطبري عن أبي سعيد الخدري عن أمّ سلمة:
إنّ هذه الآية نزلت في بيتها (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
____________
1- بتفسير الآية من الدرّ المنثور 5 : 198; وراجع مشكل الآثار 1 : 233; تيسير الوصول 3 : 297; وجامع الأصول 10 : 100; وابن عساكر 5 : 1، 15ب.
وفي تفسير الطبري ـ أيضاً ـ عن أمّ سلمة، قالت:
فاجتمعوا حول النبي (ص) على بساط، فجلّلهم النبيّ بكساء كان عليه ثمّ قال: "هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً"، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط، قالت: فقلت: يا رسول الله! وأنا؟ فوالله ما أنعم، وقال: "إنّك إلى خير"(2).
شرح ألفاظ الآية
قال الراغب بمادّة "رود" من كتابه "مفردات القرآن": إذا قيل "أراد الله" فمعناه حكم أنّه كذا أو ليس كذا، أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمةً.
وقال في مادة "الرجس": الرجس الشيء القذر.
وقال: الرجس يكون على أربعة أوجه: امّا من حيث
____________
1- بتفسير الآية من جامع البيان للطبري 22 : 7.
2- المصدر نفسه.
وفي تفسير الثعالبي الرّجس: اسم يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسات والنقائص فأذهب الله ذلك عن أهل البيت(1).
وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (اِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنْصَابُ وَالأزلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )(المائدة/90).
وفي قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَانِ) (الحج/30).
وقوله: (إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (الأنعام/145).
وقوله: (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ )(الأنعام/125).
وقوله: (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ) للمنافقين في سورة (التوبة/95).
وقوله لقوم نوح: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ
____________
1- تفسير الثعالبي 3 : 228.
وشأن (التطهير) في هذه الآية كشأنه في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران/42).
و "الكساء" هنا في الحديث لباس كالعباءة يُلبس فوق الثياب.
تفسير الآية في المأثور
في تفسير السيوطي عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله (ص): "إنّ الله قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً" إلى قوله: "ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...)فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب"(1)(2).
وفي حديث الضّحاك بن مزاحم بتفسير السيوطي:
إنّ النبيّ كان يقول: "نحن أهل بيت طهّرهم الله من
____________
1- تفسير الآية في الدرّ المنثور 5 : 199.
2- عبد الله ابن عمّ النبي عباس، ولد قبل الهجرة بثلاث، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، ترجمته بأُسد الغابة.
وفي تفسير الطبري وذخائر العقبى للمحبّ الطبري واللفظ للأوّل عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله (ص): "نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(3).
وفي مشكل الآثار(4) عن أمّ سلمة، قالت:
نزلت هذه الآية في رسول الله (ص) وعليّ وحسن وحسين عليهما السلام: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...).
وسبق في الروايات الماضية شرح الآية وبيانها عن رسول الله قولا وعملا.
____________
1- تفسير الآية في الدر المنثور للسيوطي 5 : 199.
2- أبو القاسم أو أبو محمد الضحاك بن مزاحم الهلالي، قال ابن حجر: صدوق كثير الارسال من الطبقة الخامسة مات بعد المائة، ترجمته بتقريب التهذيب 1 : 273.
3- تفسير الطبري 22 : 5; وذخائر العقبى للمحبّ الطبري : 24; وتفسير السيوطي 5 : 198; وابن عساكر 5 : 1، 16أ; وأسباب النزول للنيسابوري.
4- مشكل الآثار 1 : 332.
وفي مجمع الزوائد للهيثمي عن أبي سعيد الخدري:
أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً فعدّهم في يده فقال: خمسة: رسول الله (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(3).
وروى الطبري في تفسيره عن قتادة في قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)قال: هم أهل بيت طهّرهم الله من السوء واختصّهم
____________
1- صحيح مسلم، باب فضائل عليّ بن أبي طالب 7: 133.
2- زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي، استصغره الرسول في أُحد وشهد ما بعدها ومع علي صفين وتوفي بالكوفة بعد قتل الحسين (عليه السلام). أُسد الغابة 2: 199.
3- مجمع الزوائد للهيثمي 9: 165 و 167 باب فضائل أهل البيت; وابن عساكر 5: 1، 16أ.
وقال الطبري ـ أيضاً ـ في تفسير الآية:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) يقول: إنّما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمّد ويطهّركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله(3).
ما فعله الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد نزول الآية
في مجمع الزوائد عن أبي برزة قال:
صلّيت مع رسول الله سبعة عشر شهراً، فاذا خرج من بيته أتى باب فاطمة (عليها السلام) فقال: "الصلاة عليكم (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)"(4)(5).
____________
1- تفسير الآية عند الطبري 22: 5; والدر المنثور 5: 199.
2- قتادة: أربعة سدوسي ورهاوي وقيسي وأنصاري وكلّهم ثقة، تراجمهم في تقريب التهذيب 2: 123.
3- تفسير الآية عند الطبري 22: 5.
4- مجمع الزوائد 9: 169.
5- لعل سبعة عشر شهراً من غلط النساخ والصواب سبعة أشهر.
وأبو برزة الأسلمي ترجموه في عداد الصحابة، مات سنة ستين أو أربع وستين بالكوفة. ترجمته في أُسد الغابة 5: 146.
شهدت رسول الله (ص) تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب (رض) عند وقت كلّ صلاة فيقول: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)" كلّ يوم خمس مرّات(1).
وفي صحيح الترمذي ومسند أحمد ومسند الطيالسي ومستدرك الصحيحين وأُسد الغابة وتفاسير الطبري وابن كثير والسيوطي واللفظ للأوّل عن أنس بن مالك:
انّ رسول الله (ص) كان يمرّ بباب فاطمة (عليها السلام) ستّة أشهر كلّما خرج إلى صلاة الفجر يقول: "الصلاة يا أهل البيت! (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)"(2)(3).
____________
1- بتفسير الآية في الدرّ المنثور 5: 199.
2- مستدرك الصحيحين 3: 158 وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه; وأُسد الغابة 5: 521; ومسند أحمد 3: 258; وتفسير الآية بتفسير الطبري 22: 5; وابن كثير 3: 483; والدرّ المنثور للسيوطي 5: 199; وفي مسند الطيالسي 8: 274 شهرا; وصحيح الترمذي 12: 85 بتفسير الآية في سورة الأحزاب; وراجع كنز العمال 7: 103 ط الاُولى; جامع الأصول 10: 101 ح6691; وتيسير الوصول 3: 297.
3- أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي، روى هو أنّه خدم النبي عشر سنوات، توفي بالبصرة بعد التسعين، ترجمته بأُسد الغابة 1: 127.
وفي لفظ رواية ستة أشهر، وفي أُخرى سبعة أشهر، وفي ثالثة ثمانية أشهر، وفي رابعة تسعة أشهر(2).
وفي مجمع الزوائد وتفسير السيوطي عن أبي سعيد الخدري مع اختلاف في لفظه وفيه: جاء النبي أربعين صباحاً إلى باب دار فاطمة (عليها السلام) يقول:
____________
1- أبو الحمراء: مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قيل اسمه هلال بن الحارث، ويقال هلال ابن ظفر. أُسد الغابة 5: 174; وتهذيب التهذيب 12: 78.
2- روايات أبي الحمراء في الاستيعاب 2: 598; وترجمته من الاستيعاب 5: 637; وتفسير الطبري وابن كثير والسيوطي بتفسير الآية; وترجمة أبي الحمراء بأُسد الغابة 5: 174; ومجمع الزوائد 9: 121 و 168; ومشكل الآثار 1: 338.
من احتجّ بالآية الكريمة في إثبات فضائل أهل البيت
أ ـ الحسن بن عليّ (عليه السلام):
روى الحاكم في باب فضائل الحسن بن علي من مستدرك الصحيحين والهيثمي في باب فضائل أهل البيت: أنّ الحسن بن عليّ خطب الناس حين قتل عليّ وقال في خطبته:
"أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصيّ وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله باذنه وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل الينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله
____________
1- مجمع الزوائد 9: 169; وتفسير السيوطي 5: 199.
وفي مجمع الزوائد وتفسير ابن كثير واللفظ للأول:
انّ الحسن بن عليّ حين قتل عليّ استخلف، فبينا هو يُصلّي بالناس إذْ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرّض منها أشهراً، ثمّ قام فخطب على المنبر فقال: "يا أهل العراق اتّقوا الله فينا، فإنّا أُمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)" فما زال يومئذ يتكلّم حتى ما ترى في المسجد الاّ باكياً.
قال: رواه الطبراني ورجاله ثقات(2).
ب ـ أمّ سلمة:
في مشكل الآثار للطحاوي عن عمرة الهمدانية قالت:
أتيت أمّ سلمة فسلّمت عليها، فقالت: من أنتِ؟
فقلت: عمرة الهمدانية.
فقالت عمرة: يا أمّ المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل
____________
1- مستدرك الحاكم، باب من فضائل الحسن بن علي 3: 172.
2- مجمع الزوائد، باب فضائل أهل البيت 9: 172; وتفسير الآية عند ابن كثير 3: 486.
قالت أمّ سلمة: أتحبّينه أم تبغضينه؟
قالت: ما أحبه ولا أبغضه...(1) فأنزل الله هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وما في البيت الاّ جبرئيل ورسول الله (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟
فقال: إنّ لك عند الله خيراً، فوددت أنّه قال: نعم، فكان أحبّ إليّ ممّا تطلع الشمس وتغرب(2).
ج ـ سعد بن أبي وقاص:
في خصائص النسائي، عن عامر(3) بن سعد بن أبي وقاص قال:
أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟
____________
1- بياض في الأصل.
2- مشكل الآثار 1: 336.
3- عامر بن سعد بن أبي وقاص، أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. قال ابن حجر: ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة. تقريب التهذيب 1: 387.