أحدها: إن الإمام معصوم.
وثانيها: إنه واجب العصمة.
وثالثها: أنه لا يكون الإمام إلا بنص إلهي على لسان النبي الصادق عليه السلام أو على لسان الإمام المنصوص عليه.
ورابعها: إنه يستحيل أن يجعل الله تعالى الاختيار في نصب الإمامة إلى الأمة وقد تقرر في علم الكلام استحالة أمر الله تعالى باتباع من لا يأمن المكلف من إضلاله فيكون الإمام معصوما واتباعه يوجب تعين السلامة بالضرورة فمخالفة بين الضلال وهذا هو مطلوبنا.
وخامسها: إن كل زمان لا بد فيه من إمام معصوم وإلا لجاز اتباع بعض المكلفين غير دين الله في بعض الأحكام وقد بين الكلام استحالته لوجوب اللطف.
الرابع عشر: قال الله تعالى: (يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله) وجه الاستدلال أن هذا توعد وذم لكل من يصد عن سبيل الله وتحذير عن اتباعه وكل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك فاتباعه ضرر مظنون لأنه يحصل الخوف من اتباعه ولا ضرر أعظم من الخوف وكل ما فيه ضرر مظنون لا يجب اتباعه فلا يجب اتباع الإمام فينتفي فائدة إمامته.
الخامس عشر: قوله تعالى: (يبغونها عوجا) كل غير معصوم لا يؤمن اتباعه ذلك وكل إمام يؤمن اتباعه ذلك وإلا لكان نصبه مفسدة فلا شئ من غير المعصوم بإمام دائما.
السادس عشر: غير المعصوم يمكن أن يقرب المكلف الذي يتبعه إلى ذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يقرب المكلف الذي يتبعه إلى ذلك الضرر فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.
السابع عشر: قوله تعالى: (وما الله بغافل عما تعملون) تحذير من
الثامن وعشر: هذه الصيغة تستعمل في عرف العرب في الأمر بالتحفظ عن السهو والنسيان والغفلة في الأقوال والأفعال بأنه يقال للعبد لا تفعل فسيدك غير غافل عن أفعالك وأحوالك فاتباع الإمام الذي أمر الله بطاعته وأوجب اتباعه وهو طريق الأمن ذلك وإلا لانتفت فائدة نصبه وإنما يحصل الأمن بذلك إذا كان ذلك ممتنعا على الإمام وهذا هو واجب العصمة الذي لا يجوز عليه الخطأ والنسيان والسهو وهو المطلوب.
التاسع عشر: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط) لا يمكن ذلك إلا بإمام معصوم لوجود المجمل والظاهر والمتشابه في الكتاب والسنة ولا يحصل الجزم بالقيام بالقسط لله إلا مع علمها يقينا وكل من عدا العصوم لا يحصل منه الأمن واليقين بقوله واتباعه وإرشاده فلا بد من إمام معصوم يعلم منه ذلك.
العشرون: قال الله تعالى: (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا) الآية غير المعصوم يخاف منه حرمان العدل والإمام لا يخاف منه حرمان العدل لأنه منصوب للعدل فلو لم يقض منه حرمان العدل لما حسن نصبه ولا جاز إيجاب طاعته على المكلفين مطلقا فوجب أن يكون الإمام معصوما.
الحادي والعشرون: قال الله تعالى: (إعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا
الثاني والعشرون: قال الله تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتب مبين) يلزم من ذلك أن يستفاد منه العلم بجميع الأحكام يقينا فالإمام المأمور باتباعه يعلم ذلك يقينا وغير المعصوم لا يعلم ذلك يقينا إجماعا فالإمام يجب أن يكون معصوما.
الثالث والعشرون: قوله تعالى: (يهدي به الله من اتبع رضوانه) الآية، لما قال الله تعالى نور وكتاب مبين ذكر هنا عقيبه غايات.
الأول: بيان ما فيه رضوانه تعالى وهو فعل الطاعات بامتثال الأوامر والنواهي.
الثاني: إن من اتبع رضوان الله هداه به إلى سبل السلام والجمع المضاف للعموم وإنما يتحقق بإصابة الصواب في جميع الأحكام العقلية والشرعية والعلوم التصورية والتصديقية.
الثالث: أنه يخرجهم من الظلمات إلى النور والظلمات جمع معرف بلام الجنس فيكون للعموم فيلزم أن يخرجهم من كل ظلمة وكل جهل وكل فعل قبيح وترك واجب ظلمة فيلزم أن يخرجهم من ذلك كله.
الرابع: أنه يهديهم إلى صراط مستقيم أي في جميع الأمور لأنه تأكيد لكل فيلزم عمومه ووقوعه ولا يتحقق ذلك إلا في المعصوم والنبي والإمام يدعوان الناس ويرشدانهم إلى كل هذه المراتب والغايات المذكورة فلزم عصمتها وهو المطلوب.
الرابع والعشرون: قوله تعالى: (يأهل الكتب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير) وجه الاستدلال أن وجه الحاجة
الخامس والعشرون: قوله تعالى: (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون) كل من خالف نص الكتاب في شئ ما فقد اشترى بآية من آيات الله ثمنا قليلا وهو محذور عنه وعن اتباعه فغير المعصوم بالفعل كذلك فلا يوثق بقوله ولا بأمره ولا بفعله وغير واجب العصمة يمكن فيه ذلك فينافي الوثوق به فينافي الغرض والإمام واجب حصول الغرض منه إذا أطاعه المكلف من فعله لأنا بينا ثبوت فعل المكلف وقدرته واختياره.
السادس والعشرون: قال الله تعالى: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) أقول لا بد في الإمام من نفي ذلك عنه بالضرورة وغير المعصوم ليس كذلك ولأن الإمام لنفي هذه الصفة بالضرورة فلا يمكن أن يكون فيه.
السابع والعشرون: قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون) هذه غاية من غايات نصب الإمام لأن مراد الله تعالى من بعثة الأنبياء ونصب الأوصياء تزكية الأمة عن سائر المحرمات والأفعال القبيحة ومن جملتها هذه الصفة التي هي رذيلة فلو لم يكن معصوما لاحتاج إلى من يزكيه ولم يحصل منه ذلك في الأغلب ولأنه يستلزم الترجيح من غير مرجح إذ هو والمأمور متساويان في ذلك.
الثامن والعشرون: وقال الله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاقكم إلى قوله عما تعملون) اعلم أن الإمام يدعو الأمة إلى خلاف ذلك ويمنعهم ويردعهم عن ذلك وغير المعصوم يمكن أن يفعل هو ذلك ويقرب الناس إلى ذلك فلا يوثق به ولا يأمن به أن يكون سببا في زيادة العذاب وأن يكون عاقب المكلف أشد العقاب إلا مع العلم بوجوب عصمته فيجب أن يكون معصوما.
الثلاثون: قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) اعلم أن التهلكة على قسمين تهلكة في الدنيا وتهلكة في الآخرة وكلاهما حذر عنه والثاني أصعب وأشد محذورا وآكد من الأول ويجب الاحتراز من ذلك وإذا خاف من ذلك وجب الاحتراز بترك المخوف والعمل بقول غير المعصوم في الحدود والجهاد والقتال يتضمن المحذور والخوف من الوقوع في التهلكة والأضرار.
الحادي والثلاثون: قال الله تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) وجه الاستدلال أن يقال: الإمام يدعو إلى هاتين المرتبتين فيلزم أن يعلم المكلف إن كلما يدعو إليه الإمام من الأقوال قول معروف وكل ما يدعو إليه من الأفعال هو سبب المغفرة من الله تعالى لأنه لو لم يعلم المكلف ذلك لما أمن من صدور ذلك منه فلم ينبعث إلى متابعته وحصل له النفور منه ولأنه يحصل له الخوف من متابعته عند تجويزه أنه يأمره بما يؤدي إلى التهلكة وإلى المحرمات والاحتراز عن الخوف واجب فتعين أن يكون الإمام معصوما وهو المطلوب.
الثاني والثلاثون: الإمام مكلف في أقواله وأفعاله البدنية واعتقاداته القلبية بالصواب وأن لا يخرج عن الصواب في شئ من ذلك وذلك لا يتم إلا بمرشد يحصل العلم بقوله ولا يختص بزمان بل بكل زمان وذلك هو المعصوم لأن غيره لا يوثق بقوله ولا تتم الفائدة.
الثالث والثلاثون: الإمام عليه السلام على الصراط المستقيم وهو صراط الذين أنعم الله عليهم وهو غير المغضوب عليهم وغير الضالين بوجه في شئ أصلا لأن الله تعالى أمرنا بطاعته كطاعة النبي عليه الصلاة والسلام وأمرنا باتباعه وإلا لم يكن في نصبه فائدة والله عز وجل أرشدنا (إلى) أن نطلب منه ونسأل الهداية إلى الصراط المستقيم وهو الطريق الذي ذكرناه ثم أمرنا بطاعته
الرابع والثلاثون: أحد الأمرين لازم وهو إما كونه معصوما أو نقض الغرض والثاني على الله تعالى محال فتعين الأول، أما الملازمة وهي في الحقيقة مانعة خلو فلأن الله تعالى أمرنا بسؤال الهداية إلى طريقة المعصوم وهي الطريقة المذكورة فيكون قد أراد أن نرتكب تلك الطريقة ثم أمرنا بطاعة الإمام واتباعه فأما أن يكون الإمام على تلك الطريقة أولا والثاني يستلزم الثاني وهو نقض الغرض والأول يستلزم الأول فثبت الملازمة وأما بطلان الثاني فلأنه تعالى حكيم ونقض الغرض ينافي الحكمة.
الخامس والثلاثون: قال الله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) غير المعصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.
السادس والثلاثون: قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) (ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) إنما يثق المكلف بأمر الإمام ونهيه وبطاعته وأدائه إلى الطريق الصحيح إذا علم انتفاء ما ذكر في هذه الآية عنه وإنما يعلم ذلك بوجوب عصمته والعلم به فيجب أن يكون الإمام معصوما وهو المطلوب.
السابع والثلاثون: قوله تعالى: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) وجه الاستدلال أن هذه الآية عامة لأهل كل زمان ولا يتم إلا بوجود معصوم يفيد قوله العلم وذلك يستلزم عصمة الإمام لأنه المأمور باتباعه لأنه إما أن يخلو وقت عن إمام معصوم يفيد قوله وفعله العلم أولا والأول ينافي الغرض في
الثامن والثلاثون: قال الله تعالى: (ولا تتخذوا آيات الله هزوا) كل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام وهو المطلوب.
التاسع والثلاثون: قال الله تعالى: (والله مع الصابرين) الصابر على مدافعة وممانعة القوة الشهوية والغضبية هو الصابر وذلك هو المعصوم فالمعصوم موجود فإما أن يكون هو الإمام أو غيره والثاني محال فتعين الأول وهو المطلوب.
الأربعون: قال الله تعالى: (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صلحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) وجه الاستدلال أنه تعالى بعث النبي ونصب الإمام عليهما السلام لهداية الخلق إلى هذه الطريقة ونفي الخوف والحزن مطلقا وإنما يكون بالعصمة فالله تعالى دعا الكل إليها والداعي هو النبي والإمام عليهما السلام فلو لم يكونا معصومين لم يصلحا لحمل الأمة على ذلك ولو لم يكونا واجبي العصمة لم يحصل للمكلف وثوق بذلك.
الحادي والأربعون: قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) فإما في كل الأحكام أو في بعضها والثاني يستلزم المحال من وجهين:
أحدهما: الترجيح بلا مرجح فإن بيان بعض التكاليف دون الباقي ترجيح بلا مرجح.
وثانيهما: أنه يستلزم التكليف بما لا يطاق فثبت إكراه في الدين لأنه عين تكليف ما لا يطاق لكن ثبوت إكراه في الدين محال لقوله تعالى لا إكراه في الدين وهو نكرة منفية فتكون للعموم فظهر أن الله تعالى بين الصواب في كل الأحكام وفي القرآن مجملات وتأويلات وكذا الأحاديث لا تفي ببيان
الثاني والأربعون: إنه تعالى حكيم وحكمته بالغة في الغاية وعالم بكل المعلومات وهو الغني المطلق بوجه لا يتصور فيه الحاجة ولا يمكن أن يقع في أقواله وأفعاله ما لا يناسب الحكمة وإيجاب طاعة غير المعصوم في جميع أوامره ونواهيه ينافي الحكمة والإمام تجب طاعته في جميع أوامره ونواهيه فمحال أن يكون غير معصوم.
الثالث والأربعون: قال الله تعالى (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) الحكمة علم بالأشياء كما هي من جهة التصور والتصديق وإيقاع الأفعال على ما ينبغي وترك ما لا ينبغي أصلا والباتة فأما أن يكون الإمام حكيما أولا والثاني محال والحكيم هو المعصوم على ما بيناه.
الرابع والأربعون: قال الله تعالى: (إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني) وجه الاستدلال أن هذه الآية دلت على النهي عن الخشية من الظالم والأمر بخشية الله وهما متضادان فنقول غير المعصوم لا يخشى منه دائما لأن لا يخشى نكرة والنكرة المنفية للعموم ولك إمام يخشى منه دائما ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام وهو المطلوب.
الخامس والأربعون: لا شئ ممن يجب طاعته غير مخشي منه شرعا بالضرورة وكل غير معصوم مخشي منه شرعا بالضرورة فلا شئ ممن يجب طاعته غير معصوم بالضرورة ثم نقول كل إمام يجب طاعته ولا شئ ممن يجب طاعته بغير معصوم بالضرورة ينتج لا شئ من الإمام بغير المعصوم بالضرورة وهو ينتج كل إمام معصوم بالضرورة لأن السالبة المعدولة تستلزم الموجبة المحصلة عند وجود الموضوع لكن الإمام موجود فالإمام يجب أن يكون معصوما وهو المطلوب.
السادس والأربعون: قال الله تعالى: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا
السابع والأربعون: قال الله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) وجه الاستدلال أن غير المعصوم يمكن فيه هذه الصفة فلا يأمن المكلف من إباحة لعنته له والإمام يمتنع أن يكون كذلك فغير المعصوم يمتنع أن يكون إماما.
الثامن والأربعون: غير المعصوم يمكن أن يحصل منه ضد الغاية من الإمامة لأن الغاية منها إظهار الأحكام التي أنزلها الله تعالى وغير المعصوم يمكن أن يكتم ما أنزل الله من الأحكام وكلما هو لا يجزم بنفيه فلا يعلم أنه إمام وإنما يعلم ذلك بالعصمة فيجب أن يكون الإمام معصوما.
التاسع والأربعون: نسبة إظهار ما أنزل الله غير المعصوم نسبة الامكان ونسبته إلى الإمام نسبة الوجوب من المعصوم غير إمام قطعا.
الخمسون: قال الله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) وجه الاستدلال أن الغلط في التأويل ضلال محذور ومحذر عنه في غاية التحذير وكل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك والإمام ليس كذلك بالضرورة فغير المعصوم غير إمام بالضرورة والإمام ثابت لوجوب الإمامة فالإمام معصوم.
الحادي والخمسون: قال الله تعالى: وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون) لا شئ من الإمام كذلك بالضرورة وكل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة ويستلزم كل إمام معصوم بالضرورة لوجود الموضوع.
(إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) لكن المقدم ثابت إجماعا ولنص القرآن فالتالي ثابت وفائدة الإمام بطريق إرشاد المكلفين إلى اتباع النبي بحيث يحصل محبة الله وحمله على ذلك ولا يتم إلا بعصمة الإمام لأن غير المعصوم يمكن أن يبعد عنه.
الثالث والخمسون: قال الله تعالى: (قل أطيعوا الله والرسول) والإمام إنما هو ليحصل للمكلف طاعة الله والرسول ولا يحصل إلا مع كونه معصوما فيجب العصمة.
الرابع والخمسون: ذم الله تعالى الاختلاف في كتابه العزيز في مواضع متعددة والحق ليس بمذموم قطعا بالضرورة ولأنه تعالى أمر به وباعتقاد ومدحه فلاختلاف يشتمل على باطل وإلا لم يكن مذموما والخطاب الوارد في الكتاب كثير منه متشابه وظاهر في كثير من الأحكام ولا يحصل من هذه الصيغ إلا الظن وهو مختلف باختلاف الناظرين فلو لم يكن هناك من يعلم قطعا منه أنه يعلم المراد من هذه ويحصل اليقين بقوله وفعله لزم أن يدعو الله المكلف إلى فعل ما لا يقدر عليه وهو محال لأنه عبث وذلك الذي يحصل العلم بقوله وفعله هو المعصوم وهو المطلوب.
الخامس والخمسون: قال الله تعالى: (فإن الله عليم بالمفسدين) غير المعصوم يمكن أن يكون من المفسدين ويمكن أن يقصد إفساد اعتقاد وفعل من يقلدوه والإمام لا يمكن أن يكون كذلك فغير المعصوم يمتنع أن يكون إماما وهو المطلوب.
السادس والخمسون: قوله تعالى: (فنجعل لعنة الله على الكاذبين). كل غير معصوم يمكن أن يكون من الكاذبين ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون من الكاذبين بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.
السابع والخمسون: قال تعالى: (فلم تحاجون فيما ليس لكم به
الثامن والخمسون: قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم) دلت هذه الآية على أن الحجة إنما هي بالمعلوم وقوله غير المعصوم غير معلوم ولا فعله فلا يصلح للمحاجة والحجة والإمام قوله حجة وبه يحاج فيجب أن يكون معصوما.
التاسع والخمسون: قوله تعالى: (فلا تكونن من الممترين) كل غير معصوم يمكن أن يكون من الممترين ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون من الممترين بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة وينعكس بالمستوى إلى قولنا لا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة أو دائما ويلزمه كل إمام معصوم بالضرورة لوجود الموضوع وهو المطلوب.
الستون: قوله تعالى: (ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله) كل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام فكل إمام معصوم لما تقدم.
الحادي والستون: قال تعالى: (إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم) الإمام طريقه هو الطريق الذي أمر الله تعالى باتباعه وذلك الطريق الذي أمر الله باتباعه صراط مستقيم ولا شئ من غير المعصوم
الثاني والستون: كل إمام اتباعه هداية بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم اتباعه هداية بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم وهو المطلوب.
الثالث والستون: قال الله تعالى: (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) كل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة فيلزم منه كل إمام معصوم بالضرورة وهو المطلوب.
الرابع والستون: قوله تعالى: (قل يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله من آمن وتبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون) أقول هذه الآية في معرض التوبيخ والتهديد والذم على أشياء الأول الصد عن سبيل الله أي الطريقة المؤدية إلى رضاء الله والنجاة وذلك بامتثال الأوامر والنواهي واستعمال الطاعات الثاني صد المؤمن الثالث قوله يبغونها عوجا أي يريدون أن يكون السبيل أي الطريق وهو الشريعة واعتماد غير الحق اعوجاجا عن الشريعة إذا عرفت ذلك فنقول غير المعصوم يمكن أن يصدر منه ذلك ولا شئ من الإمام يمكن منه ذلك بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام وينعكس إلى قولنا لا شئ من الإمام بغير معصوم ويلزمه كل إمام معصوم لوجود الموضوع وهو المطلوب.
الخامس والستون: قوله تعالى: (وما جعله الله إلا بشرى لكم لتطمئن قلوبكم به) وجه الاستدلال أنه علم من هذا أن طمأنينة القلب مطلوبة خصوصا في الأحكام الشرعية والأوامر السمعية والتكاليف العقلية ولا يحصل إلا بالإمام المعصوم ونقض الغرض على الله تعالى محال.
السابع والستون: قوله تعالى: (والذين هاجروا وأخرجوا من ديرهم وأوذوا في سبيلي وقتلوا وقوتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب) وجه الاستدلال أن هذه الأشياء لها غاية واحدة اشتركت فيها وهو كون ذلك في سبيل الله ويترتب عليها الجزاء وهو قوله لأكفرن إلى آخره فإذا دعا الإمام المكلفين إلى قتال فيلزم هذه اللوازم وإنما يعلم أن دعاءه إلى قتال هذه غايته ويترتب عليه الجزاء المذكور إذا علم أنه معصوم وإلا لم يوثق به ولا يحصل الطمأنينة به وكلاهما مطلوب خصوصا في هذه الأشياء.
الثامن والستون: قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) الإمام يدعو لمكلفين إلى هذه المراتب ويحتاج إلى إتمام الغرض بحصول ذلك للمكلفين بألطاف تقرب المكلف إلى ذلك وذلك بالمعصوم وهو المطلوب.
التاسع والستون: قال تعالى: (ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) كل إمام متبوع مطلقا ولا شئ ممن يبدل الخبيث بالطيب بمتبوع مطلقا وكل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة ينتج لا شئ من الإمام غير معصوم ويلزم كل إمام معصوم بالضرورة لوجود الموضوع.
السبعون: قال الله تعالى: (والذان يأتينها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) الآية أقول هذا حكم عام لكل من يصدر عنه ذلك فإذا كان كذلك فالمخاطب بإيذائهما والإعراض عنهما بالتوبة والاصلاح هو المعصوم وكل غير معصوم يمكن فيه ذلك فإذا كان
الحادي والسبعون: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا) الآية أقول الإمام إنما وضع لإرشاد الخلق إلى معرفة الحق والباطل، الباطل ليجتنبوه والحق ليرتكبوه فإذا لم يكن معصوما أمكن أن يرغبهم (يرشدهم) إلى ضد ذلك ويحملهم على ذلك ولا يطمئن المكلف والطمأنينة مطلوبة ولهذا ذكر الله في مواطن (مواضع) كثيرة منها هذه وكما ذكرها الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام.
الثاني والسبعون: قال الله تعالى: (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) وجه الاستدلال من وجهين:
أحدهما: إن غير المعصوم يتبع الشهوات وكل من يتبع الشهوات يميل ميلا عظيما لأن قوله الذين يقتضي العموم لأنه جمع معرف بلام الجنس وكل من يميل ميلا عظيما لا يتبع فغير المعصوم لا يتبع والإمام يتبع فغير المعصوم ليس بإمام بالضرورة وهو المطلوب.
وثانيهما: أن الإمام نصب حتى لا يمكن المكلف أن يتبع الشهوات ويميل عن الحق ولا يمكن ذلك إلا باطمئنان المكلف أنه لا يدعوه إلى الميل ولا يكون له وقع عند المكلف إذا لم يمل هو فإن من أمر بمعروف ولم يفعله فهو مذموم وقد أشار إليه الله في كتابه العزيز بقوله: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) وإنما يطمئن المكلف ويثق قلبه إذا كان الإمام معصوما وهو المطلوب.
الثالث والسبعون: قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) إلى قوله
الرابع والسبعون: قال الله تعالى: (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) وجه الاستدلال أن الإمام يجب أن يدعو إلى ذلك بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يدعو إلى ذلك بالامكان ينتج لا شئ من الإمام بغير معصوم ويلزمه كل إمام معصوم لوجود الموضوع وهو المطلوب.
الخامس والسبعون: قال تعالى: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) هذه صفة ذكرت في معرض الذم فتكون صفة نقض قد حذر الله تعالى عنها والإمام إنما نصب لتكميل المكلف وحمله على الأخلاق الحميدة وإنما يأمر المكلف أنه لا يعلمه ذلك ولا يأمره إذا علم وجوب عصمته ولأنه إنما يطمئن قلب المكلف إذا علم امتناع هذه الصفة على الإمام وإنما يعلم امتناعها بعصمته فدل على وجوب عصمته.
السادس والسبعون: قال الله تعالى: (ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) وجه الاستدلال أن كتمان العلم هو المقصود الأقصى من ذلك بحيث إن النبي صلى الله عليه وآله والإمام إنما جعلا لتبيين العلم العملي فكان من عظيم المراد هنا والمقصود من الإعلام تكميل المكلف في قوته العملية فلو لم يكن الإمام معصوما لم يتم هذا الغرض والتقرير ما مر غير مرة والقياس من الشكل الثاني.
السابع والسبعون: قال الله تعالى: (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس) هذه صفة ذم ونصب الإمام ليطهر المكلف عنها فلا بد أن يكون
الثامن والسبعون: قال الله تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب يشترون الضلالة) هذه صفة ذم والإمام نصب لتطهير المكلف منها فتستحيل عليه بالضرورة وكل غير معصوم لا تستحيل عليه فالإمام ليس بغير معصوم فهو معصوم.
التاسع والسبعون: قال الله تعالى: (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) كل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يمكن أن يكون كذلك بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة أو دائما على اختلاف الرأيين وينعكس إلى قولنا لا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة أو دائما على اختلاف الرأيين ويلزم كل إمام معصوم بالضرورة لوجود الموضوع.
الثمانون: قال الله تعالى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) أقول كون الإمام غير معصوم ينافي هذه الآية من وجوه:
أحدها: أنه يدل على نفي ماهية الظلم وهو يستلزم نفي جميع جزئياته وهي صفة مدح فتكون واجبة له تعالى ويستحيل ضده عليه ولو كان الإمام غير معصوم لزم تكليف ما لا يطاق لأنه لا يجوز أن يأمره بمعصيته والمكلف مأمور بطاعته في كل أوامره ونواهيه فيكون قد أمره بالمعصية لكنه تعالى نهى عن المعصية فيكون مأمورا بفعل ومنهيا وهو تكليف ما لا يطاق وتكليف ما لا يطاق ظلم فيكون الظلم ممكنا منه وقد بينا استحالته فيلزم اجتماع الامكان والاستحالة وهو تناقض.
وثانيها: أنه يدل على لطفه بالمكلف وتلطفه به وحكمه عليه فكيف لا يجعل للمكلف طريقا مفيدا للعلم بالأحكام وهو الإمام المعصوم وهو المطلوب.
الحادي والثمانون: قال الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) هذه صفة مدح يدعو الإمام إليها وينهي عن ضدها وغير المعصوم يمكن أن يدعو إلى ضدها ولا يدعو إليها والإمام يستحيل أن يدعو إلى ضدها ويجب أن يدعو إليها وهذا يدل على وجوب كون الإمام معصوما وهو المطلوب.
الثاني والثمانون: قال الله تعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا) الآية، غير المعصوم يمكن أن لا يحكم بذلك وكل إمام يحكم بذلك بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام وهو يستلزم عصمة الإمام كما مر غير مرة وهو المطلوب.
الثالث والثمانون: قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) وجه الاستدلال أن الرد إلى الله والرسول وقبول أمرهما ونهيهما وخبرهما يرفع النازع والإمام قائم مقام الرسول عليهما السلام فالرد إليه رد إلى الله والرسول لأن الرد إلى الرسول رد إلى الله تعالى ومع عدم عصمة الإمام لا يرفع التنازع فلا يقوم مقام الرسول ولأن هذه الآية تدل على عصمة النبي وعصمة النبي تستلزم عصمة الإمام لأنه قائم مقامه وهو المطلوب والرد إلى الظواهر من الكتاب والسنة لا يرفع التنازع.
الرابع والثمانون: قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية) الآية خشية الناس كخشية الله أو أشد خشية طريقة مذمومة والإمام يبعد عنها المكلفين ويقربهم إلى ضدها وغير
الخامس والثمانون: قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) جعل نهاية عدم إيمانهم تحكيم الرسول والتسليم إليه ثم أكد بقوله تسليما فما لم يفعلوا ذلك أو أخلوا بتحكيمه والتسليم إليه في واقعة ما مما شجر بينهم لم يكونوا مؤمنين فيلزم من ذلك عصمة الرسول لأنه لو جاز عليه الخطأ والسهو والنسيان لجاز أن يحكم بخلاف الحق فأما أن يكونوا مكلفين به أولا والأول يستلزم أن يكون هو الصواب لأنا لا نعني بالصواب إلا ما كلفوا به فلا يكون خطأ هذا خلف مع أنه يستلزم المطلوب والثاني يناقض التحكيم والتسليم الكلي والرضا بحكمه وهو باطل بما تقدم فتعين أن يكون معصوما وحكم النبي وحكم الإمام متساويان لقوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فوجب أن يكون الإمام معصوما وهو المطلوب.
السادس والثمانون: قوله تعالى: (والله لا يهدي القوم الفاسقين)
وجه الاستدلال أن نقول لا شئ من غير المعصوم بهاد لكل من استهداه في
جميع الأحكام بالاطلاق وكل إمام هاد لكل من استهداه في جميع الأحكام
ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام دائما، أما الصغرى فلأن غير المعصوم
وجوبا فاسق بالامكان ولا شئ من الإمام بفاسق بالضرورة ينتج لا شئ من
غير المعصوم وجوبا بإمام بالضرورة أو دائما أما الصغرى فضرورية وأما
الكبرى فلأن الإمام هاد بالضرورة ولا شئ من الفاسق بهاد بالضرورة فلا
شئ من الإمام بفاسق بالضرورة، أما الصغرى فضرورية لأن الإمام إنما
نصب لذلك وأما الكبرى فلأن كل هاد فهو مهتد بالضرورة وكل مهتد فهو
يهديه الله تعالى بالضرورة لقوله تعالى: (ومن يهد الله فهو المهتدي)
وهذه صيغة حصر المحمول في الموضوع ويلزمه كل من لا يهديه الله تعالى
فليس بهاد فنجعله كبرى لقولنا الفاسق لا يهديه الله وكل من لا يهديه الله