الصفحة 438
فليس بهاد بالضرورة فالفاسق ليس بهاد بالضرورة لجعله كبرى لقولنا كل إمام هاد بالضرورة ولا شئ من الفاسق بهاد بالضرورة ينتج لا شئ من الإمام بفاسق بالضرورة وهو المطلوب.

السابع والثمانون: فائدة نصب الإمام هداية الفاسق وردعه باللسان واليد وإقامة الحدود وإذا تقرر ذلك فنقول لو لم يكن الإمام معصوما لزم أحد الأمرين إما إمكان العبث أو إمكان الاغراء بالجهل عليه تعالى واللازم بقسميه باطل فالملزوم مثله بيان الملازمة أنه إذا كان الإمام غير معصوم أمكن أن يكون فاسقا فأما أن يجعل له إمام آخر أولا والأول يستلزم إمكان العبث عليه تعالى لأن إمامه إذا فعل جميع المطلوب من الإمام كان الأول عبثا وإلا لزم الاغراء بالجهل وأما بطلان التالي فظاهر.

لا يقال: إنما يلزم ذلك عليه تعالى لو كان الناصب للإمام هو الله تعالى لا باختيار الأمة وهو ممنوع ولو سلم لكم هذا المطلوب ثم مطلوبكم لكنه أول المسألة.

لأنا نقول: الجواب عنه بوجوه الأول إنا بينا أن الإمام لا يمكن أن ينصبه إلا الله تعالى والاختيار باطل وقد مضى ذلك، الثاني أنه يلزم من نصبه العبث أو الاغراء بالجهل وكلاهما قبيح وكل ما لزم منه القبيح فهو قبيح فيكون نصب الإمام قبيحا والقبيح خطأ لا يجوز اتباعه فلا يجوز الاقرار بالإمام ولا اتباعه وهو خلاف الاجماع، الثالث يكون نسبة المفسدة الحاصلة والقبيح الحاصل من الإمام والمصلحة الحاصلة منه ممكنين متساويين فيستحيل ترجيح أحدهما بلا مرجح وإلا لزم ترجيح الممكن المتساوي الطرفين لا لمرجح فلا يجوز نصبه، الرابع على التنزل لو سلمنا أنه على الاختيار يلزم المحال أيضا لأنه أما أن يعرفه الاجماع أولا فإن كان الأول استحال منهم العبث أو الاغراء بالجهل لأنه باطل وإجماع الأمة على الباطل أو على ما يلزم منه تحقق الباطل محال وإن لم يعرفه الاجماع لزم نقض الغرض في وضعه إذ لو لم يعرفه الاجماع لجاز من بعض الناس ويلزم منه وقوع الاختلاف والهرج والمرج واختلال النوع فيلزم إخلال ما وقع منه هذا خلف ولأنه يلزم من وجوب

الصفحة 439
اتباع الإمامين لو افترقت الأمة فرقتين مضادتين على شخصين متساويين متفاوتي الأقوال والآراء لزوم اجتماع الضدين وترجيح أحدهما ترجيح بلا مرجح وعدم وجوب أحدهما مع عدم غيرهما إخلاء الزمان من إمام وخرق الاجماع والكل باطل.

الثامن والثمانون: قوله تعالى: (إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) الآية، وجه الاستدلال أنه جعل طريق الصواب والنجاة في جميع الأحكام الشرعية والعقلية واحدا مستقيما وذكر أن في الاختلاف ضلالا عن ذلك الطريق وحذر منه لأن قوله فتفرق بكم عن سبيله في معرض التحذير من اتباع غير ذلك الطريق المستقيم وذلك يحتاج إلى تحصيله علما وعملا ولا يحصل إلا من النبي وبعده من الإمام المعصوم فيجب أن يكون الإمام معصوما.

التاسع والثمانون: قوله تعالى في هذه الآية: (لعلكم تتقون) فيه أشياء:

الأول: تحريض تام على التقوى.

الثاني: دلالة على أنها إنما تحصل من هذا الطريق المستقيم المعلوم بالضرورة.

الثالث: إن التقوى هي الاحتراز عن جميع ما يخالف هذا الطريق ويحصل العلم بالمباحات. والواجبات والمنهيات وبالجملة بالصواب في كل باب والاحتراز عما يظن أنه ضلال ولا يتم ذلك إلا من النبي أو الإمام المعصوم فيجب المعصوم.

التسعون: قوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة) الآية، وجه الاستدلال أن نقول القرآن الكريم أكمل من التوراة وهي قد فصلت كل شئ من الأحكام وطريق الصواب وهدى للعباد ورحمة لهم في المعاش والمعاد ورحمة للذين خوطبوا بها وكلفوا فيجب أن يكون القرآن كذلك وأزيد ولا يعلم ذلك في كل

الصفحة 440
حكم منه بالنص إلا من طريق العلم وهو النبي أو الإمام المعصوم بالضرورة فيجب الإمام المعصوم فيمتنع أن يكون الإمام غير معصوم.

الحادي والتسعون: قال الله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) وجه الاستدلال أنه حصر الرحمة في اتباع هذا الكتاب فيلزم أن ينحصر فيه الصواب فلا يؤخذ الأحكام إلا منه أو من سنة النبي صلى الله عليه وآله وكل ما فيها وقد نطق القرآن بوجوب اتباعه ولا يجوز ذلك ويجب التقوى فيجب تحصيل العلم فيه ولا يعلم إلا بالنبي أو الإمام فإنهما المبينان للأحكام يقينا فيجب النبي أو الإمام المعصوم وهو المطلوب.

الثاني والتسعون: قوله تعالى في هذه الآية: (واتقوا لعلكم ترحمون) أمر بالتقوى عقيب الأمر باتباع هذا الكتاب فهو تحريض على عدم تجويز اتباع غيره ولا يمكن ذلك إلا بالمعصوم وليس إلا النبي أو الإمام.

الثالث والتسعون: قوله تعالى (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما) وجه الاستدلال أنه ذكر الطريق الذي جعله وأهداه وأوحاه الله إليه وهو الذي يهدي إليه الأمة وهو مستقيم لا عوج فيه فهو واحد ولا تناقض في أحكامه ولا اختلاف والإمام إنما جعل ليهدي الناس إليها ويحملهم عليها ويلزمهم بها ولا يتم ذلك إلا من المعصوم فيجب عصمة الإمام.

الرابع والتسعون: قوله تعالى: (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) وجه الاستدلال أنه حذر عن الاختلاف ولا يندفع إلا بالإمام المعصوم فيجب.

الخامس والتسعون: قوله تعالى: (قال أخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) وجه الاستدلال أن إرسال النبي ونصب الإمام يحصل به الاجتناب عن اتباع الشيطان في كل الأحوال وفي كل الأقوال والأفعال والتروك وذلك لا يمكن إلا مع عصمة النبي والإمام فتجب.

السادس والتسعون: قوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم

الصفحة 441
ولا تتبعوا من دونه أولياء) الآية، وجه الاستدلال أنه أمر باتباع ما أنزل الله ونهي عن اتباع غير ما أنزل الله وذلك عام في كل الأحكام وفي كل الأشخاص والنبي إنما أرسل لتبليغ ذلك الذي أنزل الله ويجب في الحكمة إرساله وإلا لزم تكليف الغافل وهو محال ودعاء الناس إليه وحملهم على العمل به وبعد النبي نصب الإمام لذلك وإنما يتوفر الدواعي إلى اتباعه إذا علم منه ذلك وإنما يحصل لهم العلم إذا كان معصوما فلا تتم فائدته إلا بعصمته فتجب وإلا لزم العبث بنصبه والفرق بين الإمام والنبي أن النبي مبلغ عن الله تعالى والإمام مبلغ عن النبي.

السابع والتسعون: قوله تعالى: (والوزن يومئذ الحق) الآية، وجه الاستدلال أن الحق ما نطق به الكتاب العزيز لما تقدم مرارا وإن الذي يوزن ويثبت من الأعمال الحق فيلزم أن يكون الموزون هو العمل الذي حكم به القرآن الكريم وإنما يعلم ذلك من إمام معصوم وهو ظاهر فيجب وهو المطلوب.

الثامن والتسعون: كل غير معصوم قد يتبع الشيطان ولا شئ ممن يتبع الشيطان بإمام بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام أما الصغرى فلأنه لو لم يتبع الشيطان في وقت ما أصلا كان معصوما وقد فرض غير معصوم هذا خلف وأما الكبرى فلقوله تعالى قال أخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين دل هذا الخطاب العظيم والنص الكريم على أن من يتبع الشيطان مطلقا سواء كان دائما أو في وقت واحد في عمل واحد يستحق دخول جهنم ومن يستحق دخول جهنم بعمل لا يجوز أن يتبع في كل عمله وقوله وفعله وإلا لكان إماما من أئمة النار فيهلك باتباعه ولا يمكن أن يتبع أصلا وإلا فلا فائدة في نصبه أو في البعض منه فيلزم منه محالان أحدهما إفحامه والثاني يلزم عدم اتباعه مطلقا بل فيما يعلم صوابه إما من اجتهاده أو من غيره فلا فائدة في نصبه.

التاسع والتسعون: قوله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول

الصفحة 442
النبي الأمي) الآية وجه الاستدلال أن الرحمة أوجبها الله تعالى للذين يتقون وغير المعصوم بالفعل لا يجب ولا يوجب الله له الرحمة لأنه فاعل الذنب فهو مستحق للعقاب فلا تجب رحمته فلا شئ من غير المعصوم بمتق الإمام إنما نصب للدعوة إلى التقوى والحمل عليها فلا يمكن أن يكون متق فلا يمكن أن يكون غير معصوم.

المائة: المتقون هم المتبعون للنبي الأمي بحكم هذه الآية فإنه تعالى عرفهم بذلك والمعرف مساو للمعرف فيكون المتقي والمتبع للرسول في كل أقواله وأفعاله وتروكه متساويين وهو ظاهر ضروري وغير المعصوم غير متبع للرسول كذلك والإمام إنما نصب لهداية الناس إلى اتباع الرسول في جميع أقواله وأفعاله وتروكه وأن لا يخرجوا بفعل لهم ولا ترك ولا قول عن شريعة النبي بما ينافيها وحملهم على ذلك ومن غير المعصوم لا يتصور ذلك فلا شئ من غير المعصوم بإمام.


الصفحة 443

بسم الله الرحمن الرحيم

الدليل الأول: بعد الألف من الألف الثانية من الأدلة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه السلام قال الله تعالى: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) الآية، وجه الاستدلال أنه لما بين وجوب اتباع النبي وأن التقوى والنجاة لا تحصل إلا باتباعه بين بعده بلا فصل أنه ماذا يصنع بهم الرسول الذي أمروا باتباعه حتى يحصل له ذلك المقام وهو التقوى ووجوب الرحمة فذكر مراتب.

الأولى: أنه يأمرهم بالمعروف وهو كل فعل حسن له وصف زائد على حسنه عرف فاعلة ذلك أو دل عليه وذلك يستلزم شيئين أحدهما إعلامهم بالمعروف، وثانيهما أمرهم به وحملهم عليه وهو يشتمل كل الواجبات يعلمهم بها وجوبا ويأمرهم بها وجوبا عليه وعليهم وجوب الفعل وكل المندوبات يعلمهم بها وجوبا عليه ويأمرهم بها على سبيل أمر ندب ليكون (فيكون) فعلها عليهم مندوبا ويدخل في ذلك ترك المكروهات فإنه راجح فجاز إطلاق المعروف عليه.

الثانية: النهي عن المنكر بأن ينهاهم عن كل المنكرات وهو يشتمل على شيئين أحدهما إعلامه إياهم بذلك، وثانيهما نهيهم عنها وردعهم عنها وجوبا.

الثالثة: يحل لهم الطيبات وهذه إشارة إلى الإذن في المباحات وهو يشتمل

الصفحة 444
على شيئين أحدهما إعلامهم به، وثانيهما إباحته لهم.

الرابعة: إعلامهم بالخبائث كالسموم والنبات وما يحرم عليهم من المآكل والمشارب والملابس الخبيثة.

الخامسة: أن يضع عنهم إصرهم والأغلال ومعناه أن يخرجهم من المناقض والأخلاق الذميمة والقوى الشهوية والغضبية إلى القوى الروحانية والإمام يفعل ذلك بالأمة بعد النبي فلا بد أن يكون بمنزلته في ذلك ويفعل فعله فلا بد وأن يكون قد حصلت له هذه المراتب من النبي وإلا لكان مساويا للرعية في احتياجه إلى مكمل يعمل معه ذلك فترجيحه عليهم ترجيح بلا مرجح فليس حصول ذلك لهم منه ولا من حصوله من أنفسهم فيكون معصوما وغير المعصوم لا يحصل منه ذلك وإلا كان معصوما فإنا لا نعني بالمعصوم إلا من هو على هذه الطريقة فيجب عصمة الإمام وهو المطلوب.

الثاني: قال الله تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) وجه الاستدلال أن الإمام إنما نصب لدعاء الأمة إلى هذه الأشياء إلى اتباع النور الذي أنزل معه فلا يكون فيه اختلاف لأنه طريق واحد وغير المعصوم لا يصح منه ذلك ولا يعلم حصوله فتنتفي فائدة نصب الإمام فيجب عصمته.

الثالث: قوله تعالى: (وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة تفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين) وجه الاستدلال أن القرآن أعظم من التوراة فيلزم أن يكون فيه كل شئ مفصلا والسنة والإجماع بيان له وتفصيل الأحكام والنبي أرسل لإبلاغه وبيانه وحمل الناس على العمل به وتعليمهم إياه ولا يحصل الاعتماد التام إلا مع عصمته فيلزم أن يكون معصوما والإمام قائم مقامه في ذلك ويحصل منه بعد النبي من هو بعد النبي ما حصل من النبي لمن هو في زمانه فلا يحصل الوثوق به إلا مع عصمته وعلمه بكل الشرائع وإلا لم يتم فائدته.

الرابع: قال الله تعالى: (قل اتبع ما يوحى إلي) الآية دل ذلك على

الصفحة 445
أن النبي إنما يتبع الوحي الإلهي ولا يجوز له غير ذلك لأن (إنما) للحصر والناس مخاطبون بذلك وأنه إنما يأمر الناس ويهديهم إلى ما أوحاه الله تعالى من الأحكام لا غير وإليه أشار بقوله: (هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) والإمام قائم مقام النبي صلى الله عليه وآله في ذلك ولا يجوز أن يتبع الناس إلا لنص من النبي أو الإمام عليهما السلام فيما فيه إجمال وما هو نص صريح وسلم يبلغه ويحمل الناس عليه ولا يشارك باجتهاد مجتهد ولا برأي ولا غيره فلا بد وأن يوثق به ويحصل اليقين أنه لا يخلي شيئا منه ولا يأمر بغيره ولا يحصل ذلك إلا بعد العلم بأنه معصوم فكذا الإمام فيجب عصمته فإنه لولا عصمته لم يحصل للمكلف الوثوق به ولا العلم بقوله فيعذر في عدم اتباعه لدلالة القرآن في عدة مواضع إنه تعالى لا يعذب العاصي إلا بعد إعلامه بالبينات والبراهين.

الخامس: قوله تعالى: (قل إنما أتبع ما يوحى إلي) الآية، ذكر ذلك حجة عليهم على وجوب اتباعه لأنه إنما يتبع ما يوحى إليه من ربه وفيه بصائر من الله وهدى ورحمة وذلك موقوف على أنه لا يصدر منه ضد ذلك ولا يتم إلا بعصمته وهذا بعينه قائم في الإمام لأنه قائم مقامه فيجب عصمته.

السادس: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) نهى عن التولي مع السماع والمراد به سماعهم لما يفيدهم العلم ولا يحصل ذلك إلا مع عصمته لأن خبر الفاسق نهى الله عن اتباعه بمجرد سماعه لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فكل من أمكن أن يكون فاسقا لا يحصل من خبره العلم فيكون منهيا عن التولي عنه فلا فائدة في نصبه والإمام قائم مقام النبي فيما هو لأجله فيجب عصمته ليحصل العلم به بقوله فيحرم التولي عنه وإلا لم يحرم.

السابع: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) إنما جعل الخيانة مع العلم فلا بد وأن ينصب طريقا إلى العلم وذلك الطريق هو النبي فيكون قوله يفيد العلم وإنما يكون بعصمته فيجب عصمته ليتم فائدة بعثته وكذا الإمام لأنه نصب

الصفحة 446
ليحصل منه ما يحصل من النبي.

الثامن: قال الله تعالى: (وقتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما تعملون بصير) وجه الاستدلال أنه تعالى طلب من عباده أن لا تكون فتنة في جميع الأزمان لأن قوله حتى لا تكون فتنة دل على أن المراد في كل الأوقات فنقول أحد أمور ثلاثة لازم أما أن لا يكون إمام وأما أن يكون الإمام بنصب الله ونص الرسول أو يكون فتنة فإن الضرورة قاضية بأنه إذا نصب الإمام غير الله تعالى بل يكون مفوضا إلى الخلق مع اختلاف دواعيهم وآرائهم وأهوائهم ولا يتفقون على إمام واحد تقع الفتنة وعدم الإمام تقع منه الفتنة فيجب أن يكون بنصب الله تعالى فأما أن يكون معصوما أو لا والثاني باطل لأن نصب غير المعصوم تختلف فيه الآراء ولا يحصل الوثوق بقوله ولأنه يمكن لزوم الاغراء بالجهل من نصبه وهو من الله تعالى محال وإمكان المحال محال فمحال أن يكون غير معصوم وهو المطلوب.

التاسع: كل غير معصوم مخالفة معذور ولا شئ من الإمام مخالفة معذور بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة أو دائما أما الصغرى فلأن غير المعصوم قوله غير مفيد للعلم لجواز الخطأ وتعمد الكذب عليه وكل من كان كذلك فقوله غير مفيد للعلم والمقدمتان بديهيتان وكل من قوله لا يفيد العلم فمخالفة معذور لأن الله تعالى لا يعاقب من لم يعلم الحكم لقوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) علل عدم معاقبتهم وقتلهم بعدم علمهم وطلبهم للعلم بما يفيده وهو كلام الله تعالى والإمام إذا كان غير معصوم فكلامه لا يفيد العلم ولا هو مظنته وأما الكبرى فلانفتاء فائدة نصبه حينئذ.

العاشر: غير المعصوم بالفعل ظالم بالفعل ولا شئ من الظالم بالفعل بهاد بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بهاد بالضرورة، أما الصغرى فلأن القرآن الكريم نطق في عدة مواضع أن مرتكب الذنب ظالم لنفسه فإن كان الذنب بظلم الغير فلا كلام في أنه ظالم قطعا للغير ولنفسه وأما الكبرى فلقوله تعالى والله لا يهدي القوم الظالمين ومن لم يهده الله لا يصلح أن يجعله الله

الصفحة 447
هاديا بالضرورة فثبت قولنا لا شئ من غير المعصوم بهاد بالضرورة فثبت قولنا لا شئ من غير المعصوم بهاد بالضرورة فنجعلها صغرى لقولنا كل إمام هاديا بالضرورة فثبت قولنا لا شئ من غير المعصوم بهاد بالضرورة فنجعلها صغرى لقولنا كل إمام هاد بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بهاد بالضرورة هذا غير المعصوم بالفعل، وأما غير واجب العصمة أي غير معصوم بالامكان الخاص.

فنقول: كل غير معصوم بالامكان ظالم بالامكان ولا شئ من الإمام بظالم بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بالامكان بإمام بالضرورة فيجب عصمة الإمام والصغرى بديهية والكبرى بمقتضى الآية فإن كل إمام يهديه الله بالضرورة لأن نصب الله تعالى إماما للهداية وليس بمهتد يلزم منه أحد الأمرين وهو إما الجهل والاغراء به أو نقض الغرض واللازم بقسميه باطل وبالجملة فجعل من هو غير مهتد هاديا قبيح بالضرورة.

الحادي عشر: الله جلت عظمته وتقدست أسماؤه مع الإمام بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم الله معه بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم فيلزم أن يكون الإمام معصوما لوجود الموضوع أما الصغرى فلأن الإمام متق بالضرورة لأنه يدعو الناس إلى التقوى ويحملهم عليها ويحرضهم على ملازمتها ومن لم يكن متقيا لا يصلح لذلك قطعا فالإمام متق وكل متق معه الله تعالى لقوله تعالى: (إن الله مع المتقين) وأما الكبرى فظاهرة أن معنى كونه معه نصرته إياه ورضاه عنه وهدايته إياه وكتبه النجاة له.

الثاني عشر: قال الله تعالى: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) الإمام يدعو الناس إلى الأفعال ويعلمهم إياها ويلزمهم بها في كل الأزمان وكل الأحكام وفي كل الوقائع فهذه فائدة نصيب الإمام فأما أن يكون هو كذلك أولا والثاني محال لأن نصبه ينافي الحكمة ولأن الطباع مجبولة على أن الشخص يجب أن يكون أكمل من غيره مع الامكان فلو لم يكن الإمام بهذه الصفات لما أحبها

الصفحة 448
لغيره وبالجملة فهذا ظاهر فنقول: كل إمام متصف بهذه الصفات بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم متصف بهذه الصفات بالامكان فلا شئ من الإمام غير معصوم وهو المطلوب والصغرى قد بيناها هنا على أنها من باب فطري القياس والكبرى ظاهرة لأن كل من لم يكن واجب العصمة يمكن أن لا يجتمع فيه هذه الصفات في كل الأوقات في كل الأحكام في كل الوقائع بل يحكم في بعض الأوقات ببعضها أو في بعض الأحكام أو في بعض الوقائع وهذا ضروري.

الثالث عشر: قال الله تعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومسكن طيبة في جنات عدن رضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) وجه الاستدلال أن الله تعالى بين أولا المؤمنين وصفاتهم وأفعالهم ثم بين غاياتهم الحاصلة من أفعالهم والإمام يدعو الناس ويلزمهم بتلك الأفعال ليوصلهم إلى تلك الغايات فكل إمام يفعل كل ذلك ويأمر به ويرشد إليه في كل الأوقات في كل الأحكام بالضرورة وإلا لانتفت الغاية من نصبه ولا شئ من غير المعصوم يفعل بعض ذلك بالامكان ينتج لا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.

الرابع عشر: قال الله تعالى: (فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) كل إمام الله يرضى عنه بالضرورة ولا شئ من الفاسق يرضى الله عنه ما دام فاسقا ينتج لا شئ من الإمام بفاسق بالضرورة أما الصغرى فلأن الإمام يرشد الناس إلى ما يرضي الله عنهم به ويحصل مرتبة الرضا وكل من ليس له هذه المرتبة لا يحسن من الحكيم نصبه لدعاء الناس إلى طريقة الرضوان وباتباعه يحصل لهم هذه المرتبة قطعا فلا يمكن أن ينصب الله تعالى من لم يرض الله عنه لفسقه ليحصل لغيره من اتباعه رضوان الله ولأن الإمام إما هاد دائما أو مضل دائما أو يضل في وقت وهاد في وقت أو مضل في بعض الأوقات وهاد في بعض الأوقات والثاني محال وإلا لاستحال نصبه، والثالث محال لأنه يعذر المكلف في ترك اتباعه لأن كل وقت يفرض فإنه لا يأمن إلا يكون مضلا فيه، والرابع أيضا محال وألا لخلا وقت عن اللطف وهو محال

الصفحة 449
فتعين الأول وأما الكبرى فلهذه الآية فنجعل هذه النتيجة كبرى لقولنا كل غير معصوم فاسق بالامكان هكذا كل غير واجب العصمة فاسق بالامكان ولا شئ من الإمام بفاسق بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة وهو المطلوب.

الخامس عشر: قال الله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون) كل غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ولا شئ من الإمام يكون كذلك بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة وهو المطلوب والمقدمتان ظاهرتان.

السادس عشر: كل غير معصوم يمكن أن يكون منافقا ولا شئ من الإمام بمنافق بالضرورة أما الصغرى فظاهرة لأن اللفظ والفعل (العقل) لا يدلان على نفي المنافقة قطعا بل ظنا لقوله تعالى: (ومن حولكم من الأعراب منفقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) فإذا كان النبي عليه السلام لا يعلمهم وإنما يعلمهم الله لا غير مع إقرارهم عند النبي صلى الله عليه وآله بالاسلام فيكف يعلمهم غيره وأما الكبرى فظاهرة.

السابع عشر: قال الله تعالى: (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) دلت هذه العبارة على انحصار قوله وفعله وتركه وتقريره فيما يوحي الله إليه وذلك واجب في الأحكام الشرعية قطعا والإمام عليه السلام يجب أن يكون كذلك لأنه قائم مقامه ولأنه تعالى ساوى بين طاعته وطاعة الرسول وطاعة الإمام في قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فتنتفي الفائدة من نصبه وغير المعصوم لا يعلم منه ذلك والظن لا يقوم مقامه والقرآن دال على ذلك.

الثامن عشر: الإمام تبع للوحي كالنبي بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم كذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة.


الصفحة 450
التاسع عشر: قال الله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) المراد بقوله والمؤمنون بعض المؤمنين فلا بد وأن يكون نظر هذا البعض مساويا لنظر الرسول فيكون معصوما لأن غير المعصوم لا يساوي نظره لنظر النبي عليه السلام فهذا البعض إما أن يكون هو الإمام أو غيره والثاني محال لأن الإمام أعلى مرتبة من الكل فتعين أن يكون هو الإمام وهو المطلوب.

العشرون: قال الله تعالى: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا) اعلم أن هذه الآية تدل على أن الاهلاك للفاسقين بذنوبهم إنما هو بعد أن تجيئهم البينات - أي الأمور المفيدة للعلم والرسل إنما يركبون الحجة بعد تبليغ ما يفيد العلم وهذا عام في كل الأزمان وإلا لمنعت بعض الأمة من اللطف هذا خلف ومع عدم إمام معصوم لا يحصل ما يفيد العلم لأن ظواهر القرآن والأحاديث لا تفيد العلم فلا بد من إمام معصوم في كل الأوقات وهو المطلوب.

الحادي والعشرون: قال الله تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) اعلم أن دعاء الله بالوحي إلى النبي ويهديه والنبي يفيد الإمام ويعلمه ويهديه إلى صراط مستقيم والإمام يهدي الأمة إلى صراط مستقيم وغير المعصوم لا يعلم أنه يدعو إلى ذلك فيحصل نقض الغرض من نصبه فيستحيل أن يكون الإمام غير معصوم هذا خلف.

الثاني والعشرون: قوله تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) كل إمام داع إلى ذلك بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم بداع إلى ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم وهو المطلوب.

الثالث والعشرون: إنما يجب اتباع الإمام إذا علم أنه يدعو إلى ذلك ولا شئ من غير المعصوم يعلم منه أنه يدعو إلى ذلك فلا يصلح أن يكون الإمام غير معصوم.


الصفحة 451
الرابع والعشرون: قال الله تعالى: (فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) إنما نصب الإمام ليرشد الناس إلى رضاء الله تعالى عنهم وإلى الأعمال التي تقتضي ذلك وإنما يتم ذلك باتباعه وكونه على تلك الصفة لأن اتباعه في قوله وفعله وتركه وتقريره كالنبي عليه السلام إذا تقرر ذلك فنقول كل غير معصوم لا يرضى الله عنه بالامكان وكل إمام يرضى الله عنه بالضرورة ينتج لا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.

الخامس والعشرون: قال الله تعالى: (ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم) الإمام يدعو إلى ذلك ليصل المكلف الذي يطيعه ويتبع أمره ونهيه وفعله وتركه إلى هذه المرتبة فالإمام يدعو إلى هذه المرتبة بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يدعو إلى هذه المرتبة بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة، أما الصغرى فلأن هذه فائدة نصب الإمام فإن الله تعالى رغب العباد إلى هذه المرتبة وذكر ذلك ترغيبا للعباد إليه والإمام مكمل للأمة بحسب قبول استعدادهم للكمال فلو لم يدع إلى هذه المرتبة انتفت الفائدة من نصبه وأما الكبرى فظاهرة.

السادس والعشرون: قال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بأحسن رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) هذه صفة كمال والله تعالى ذكرها للترغيب إليها والإمام يحمل العباد عليها ويبينها لهم وكل إمام يدعو إلى هذه المرتبة بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يدعو إلى هذه بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.

السابع والعشرون: قال الله تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منفقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) الإمام يحذر الناس عن هذه الطريقة

الصفحة 452
ويمنعهم عنها ويعرفهم ما فيها من المحذور ويؤدبهم لو ارتكبوا بعضها وإلا لانتفت فائدة نصبه، فنقول الإمام يمنع ذلك لمن يطيعه ويردعهم عنها بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يفعل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام غير المعصوم يفعل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام غير معصوم بالضرورة.

الثامن والعشرون: لا شئ من الإمام يدعو إلى شئ من هذه الطريقة لأن هذه الطريقة موصوفة بالقبح بالضرورة وكل غير معصوم داع إلى شئ منها بالامكان ينتج لا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة.

التاسع والعشرون: قال الله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صلحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) الإمام يميز لرعيته بين الأشياء القبيحة من هذه الطريقة والأشياء الحسنة فيدعو الرعية إلى الأشياء الحسنة من هذه الطريقة بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يعمل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام غير معصوم بالضرورة.

الثلاثون: قال الله تعالى: (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) الإمام عليه السلام نصب ليعرفهم ما يحترزون به من العذاب وما يحصلون به التوبة وطريق النجاة بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يفعل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة.

الحادي والثلاثون: الإمام لا يدعو إلى ما يعذبهم ولا يحذرهم عن الطريق الصواب ولا يعد لهم عنه بالضرورة ولا يشبهها عليهم بالضرورة وكل غير معصوم يفعل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.

الثاني والثلاثون: قال الله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن

الصفحة 453
إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا) لا شئ من الإمام كذلك بالضرورة وكل غير معصوم كذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.

الثالث والثلاثون: لا شئ من الإمام يدعو الناس إلى ذلك بالضرورة وكل غير معصوم يمكن أن يدعو الناس إلى ذلك فلا شئ من غير الإمام بمعصوم بالضرورة.

الرابع والثلاثون: قال الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) وجه الاستدلال أنه لا بد من شخص يقاتلون معه على الحق فهو إما النبي صلى الله عليه وآله خاصة أو النبي ومن يقوم مقامه عند وفاته والأول محال لأنه يستلزم انقطاع هذه الفضيلة بعده وهو محال لأن الله تعالى لطفه عام وهذا أعظم الشرائف والفضائل فلا يسد باب هذا اللطف فتعين الثاني وهو الإمام لأنا لا نعني بالإمام إلا ذلك، فنقول كل إمام يدعو إلى ذلك ويعرفهم هذا الطريق بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يدعو إلى ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام غير معصوم بالضرورة.

الخامس والثلاثون: لا شئ من الإمام يضاد فعله أو قوله أو نهيه أوامره بالضرورة وكل غير معصوم يضاد فعله أو قوله أو نهيه أوامره ذلك بالضرورة فلا شئ من الإمام غير معصوم بالضرورة.

السادس والثلاثون: قال الله تعالى: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) كل إمام كذلك بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم كذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.


الصفحة 454
السابع والثلاثون: كل إمام يرشد ويدعو إلى ذلك بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يرشد ويدعو إلى ذلك بالضرورة فلا شئ من الإمام غير معصوم بالضرورة.

الثامن والثلاثون: قال الله تعالى: (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم).

الإمام يرشد الناس إلى ضرورتهم من هؤلاء ويدعوهم إلى ذلك ويحملهم عليه بالضرورة لأنه مكمل لمن اتبعه ولا شئ من غير المعصوم يفعل ذلك بالامكان فلا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة وهو المطلوب.

فهذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب، من الأدلة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه السلام وهي ألف وثمانية وثلاثون دليلا وهو بعض الأدلة فإن الأدلة على ذلك لا تحصى وهي براهين قاطعة، لكن اقتصرنا على ألف دليل لقصور الهمم عن التطويل، وذلك في غرة رمضان المبارك سنة اثنتي عشر وسبعمائة.